أين الفائدة في معرفة أن الارض كروية أو مسطحة؟
هو في الحقيقة، أهم فائدة أو أول دافع لخوضنا في هذا الأمر، هو "رد الباطل المفترى على القُـرآن" ابتداءً، ثم تحقير العقول واستغفالها،. فلو لم يقل الناس ابتداءً أنها كروية لما نطقنا ولا جادلنا،. ولَما فتحنا هذا الموضوع برمّته،. ولكنه تحقيق للحق، ورد الأمر لحقيقته، ولو كان متأخراً،.
أنا وأنت نعلم "من غير تعليم" أننا بشر، لنا وعي وفكر ومشاعر، ونعلم أن تكويننا مبدع ومعقد وعظيم وأنه في أحسن تقويم،. نعلم هذا بالبداهة والفطرة دون إملاء ودراسة، فتخيل أن يأتيك شخص ويقول أن الإنسان مجرد وساخة كيميائية! أو أنه عبارة عن غبار كوني، أو أنه خلق إفتراضي وليس حقيقي (يعني كمثال حين تلعب لعبة بلاي ستيشن هناك أشخاص إفتراضيين في اللعبة تتحكم فيهم أنت، فلو جلس أحد هؤلاء الاشخاص وتفكر بعمق سيكتشف أنه مجرد شخص إفتراضي)،. تخيل لو قيل لك أنك أصلاً مثل هذا الافتراضي، ولو فكرت بعمق ستكتشف أنك افتراضي ولست بواقعي!، هل ستسكت عنها، وتقتنع بها؟ أم سترده؟! أما نحن فسنرده ونثبت الحق الذي نعلمه بالسليقة ولو اضطررنا لايجاد البينة سنوجدها،. ونرد باطله الغريب،.
أخي القارئ العزيز، هذا المثال الذي ضربته لك ليس مجرد مثال من نسج الخيال، بل هو موجود اليوم فعلاً، والآن كثير من الغرب ولحقهم ركبٌ من العرب، يؤمنون بأن الإنسان مجرد وسخ كيميائي وجد بالصدفة، وأصلنا غبار نجوم، وبعضهم يمثلون ذلك بالعالم الافتراضي الموجود بألعاب الفيديو!.
فلو جئت أنت لترد عليهم، لن أفعل مثلك وأقول لك ما الفائدة؟ سواء خلقنا بإبداع أو خلقنا بالصدفة لا يهم، كله واحد، المهم الآن الحياة مستمرة!
ولو فعلت ذلك ستنعتني بالجاهل البليد، لا مبدأ لك، لا أصل لك!!
فالمسألة في الحقيقة، تحقيقٌ للحق وتصديقٌ للقرآن، وإماطة الأذى الذي لحق به من تفسير وتحريف وتخريف، ورد الأمر لأصله الأول،. فقد بيّن القُــرآن أنها سطحت، فحرفوها،. فكل ما نفعله اليوم هو أننا نقول كلمة القُــرآن لا غير : سطحت، فنُتهم، والذي يقول عنها : كورت، يُبجل ويُحترم!
الأصل أن يُوجه هذا السؤال للقوم الذين قالوا كورت، لم قالوا بأنها كرويّة، ولن يجدوا لهذا السؤال جواباً إلا أنهم نُشِئوا عليه منذ الصغر، وهكذا لُقّنوا، هذا ما وجدنا عليه آباؤنا،. فصدقوا ولم يتسائلوا يوماً عن البرهان،. ودفاعاً عما تربّوا عليه، سيقولون بأن العلم الحديث "أثبت" هذا بالصور، وبالرّحلات الفضائية،. ﴿..تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ؛ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾،. هذا وهم،. حيث أن الصور والرحلات كلها مزوّرة،. فيسقط هذا الإثبات،. وليس عندهم غيره، فيبقى السؤال الأهم هو لماذا اخترعوا هذه الكذبة؟! فهم الأولى بهذا السؤال لسنا نحن، وهذا مالا يقبله المؤمنون بالكروية،. يرضى بالعيش في الوهم ولا أن يقال له أنت متوهم! ويجهلون تماماً ما وراء هذا الوهم والكذب والتزوير وما الهدف والغرض منه،. يجهلون أن الأمر كله لعبادة الشمس، وتأليه الشمس وتعظيمها،. وحذف ما تؤمن به من أن ((الله)) هو الذي خلق وأبدع، والبراهين كثيرة،. يكفيك قليل من البحث بعمق والتفكير بجدية في سبب الكذب،. ليست في هذه القضية فقط،. بل حتى في قضية بدأ الخلق والنشأة الأولى، فقد تفلسفوا فيها وخرصوا، ظنا وكذباً من أنفسهم بلا برهان، ثم ثبتوا دراستها على المدارس والجامعات بقوة السلطة، منذ خمسينات القرن الماضي حتى خرج الجيل الجديد يؤمن بل يوقن بنظرية الانفجار الكبير ونظرية داروين، وأنهما هما الحق الذي كان،.
كل كذبة رواءها أهداف لا يريدونك أن تعرفها مباشرةً وإلا فضحوا أنفسهم، ولكن بعد تترسخ هذه الأفكار في ذهنك ستقول من نفسك أن الإنسان لا يحتاج لخالق يخلقه! وترد الأمر للطبيعة أنها تخلق نفسها وتبقي الأصلح، وهكذا يبلغون ما يريدون من أهداف مدروسة بعناية، وكونك لا تعلم الهدف لا يعني أنه غير موجود،.
موضوع الكروية لهم فيها هدف،.
موضوع مثلث برمودا لهم فيها غرض،.
كذلك نظرية التطور وأن أصل الانسان قرد، لهم فيها قصد معين وهدف،.
موضوع القطب الجنوبي، موضوع قنابل اليورانيوم والنووي، موضوع الاحتباس الحراري، الجاذبية، الغلاف الجوي والاقمار الصناعية،. ثقب الأوزون،. وغيرها الكثير
كلها وراءها غرض وهدف يسعون للوصول إليه،. إن كذبت إحدى هذه الأمور، وهذا لابد، مثل (تكذيبك لنظرية التطور) فسوف أسألك لماذا بظنك يكذبون؟!
جوابك يهمني، ليس لمجرد الإجابة نفسها، بل لأنك بدأت تفكر وتعمل عقلك ولا تتبع كل ما يقال،. بدأت تشك فيهم، بدأت تتسائل وتكتشف بنفسك ولا تقلد كالأعمى،.
واعلم أن إجابتك على سبب كذبهم في (التطور) هو نفس إجابتنا على سبب كذبهم في (الكروية)،.
كن على بينة من أمرك واعرف أين وضعك الله، وتحقق من الطريق التي تسير فيها،. ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك 22]
قالَ اْللّٰه،. ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ((اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس 66 ـ 70]
لاحظ أن الآية 66 تتكلم عن الشرك، والآية 68 كذلك عن الشرك، أما الآية التي بينهما 67 .. آية عجيبة، تتكلم عن الليل والنهار، لا دخل لها بالشرك، ولكن هل تعلم أن الله يبطل بهذه الآية كل الشرك؟ كيف؟،.. قال،. ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾،. اللّـه ذكر الليل وما يقابله: أي النهار،. لكن حين ذكر السكون للّيل،.. يفترض (بأفهامنا القاصرة) أن يذكر ما يقابل السكون،. وهو الحركة، لكنه ذكر الإبصار، قال ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾، عكس السكون هو الحركة، وليس الإبصار! فلماذا ذكر الإبصار؟!
الناس في النهار (يبصرون)،. يتحركون ويقضون ويعملون ويسافرون،.. ولكن في الليل يسكنون،.. لماذا؟ لأنهم لا ((يبصرون))،. الليل ظلمة،. عتمة،. لا تستطيع أن تخرج وتعمل أو تصيد أو تشتغل في الظلمة، ففي الصيد قد تقتل إنساناً وأنت تظنه دابة، ففي الليل أنت لا ترى، ولا تبصر، فلا تعرف هذا الذي أمامك أهو رجل أم امرأة؟ فلا تستطيع أن تقضي بشيء،.. فبالتالي تمسك ولا تقضي بشيء حتى تبصر وتتأكد، لن تبني قرارك على ظن.
بإختصار: حين تُظلم عليك ولا تملك الهدى والنور تَسكن،.. لأنك لا تبصر ولا ترى فلا (تعلم)،.. كل ما بين يديك يصير غيباً فتسكن، هذا أنت يا إنسان،.. تسكن لأنك لا تملك النور الذي يدلك ويهديك (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَٰذَا)؟،.. فكيف تحكم على اللّـه وهو (غيب) أن له ولد؟؟ أين رأيتَ الولد؟ أين رأيت الشريك؟ (أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون)؟ لا ترى اللّـه،.. ولا ترى شيئاً في الغيب،.. ثم تقضي وتحكم به كما تشاء؟!
وكأن الله حين تكلم عن الليل الساكن يعلمك أن تسكن في الطريق المظلم، ولا تسير حتى تبصر أمامك فتعرف أين تضع رجلك في الطريق،. الطريق الذي قدمته لنا ناسا وأعوانها طريق مظلم لا ترى فيه نوراً ولا دليلاً ولا برهاناً، لا بينة لديك ولا لديهم ولا هادي ولا نور، طريق لا تستطيع القضاء فيه فقف، قف مكانك حتى تجد نوراً تهتدي به، حتى تبصر، حتى تجد دليلاً يقودك لبر النجاة،. ولن تجد هادياً أهدى من القُــرآن،. هو نور، بصائر،. آيات، بينات، مبيّنات،.
﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ ((هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ)) أَمْ هَلْ تَسْتَوِي (الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ) أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ ((خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ)) قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد 16]
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ، رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
donkorliony@
المصدر:
- الأرض المسطحة العظيمة
تعليقات
إرسال تعليق